حقائق للتأمل : ليس دفاعا عن القوى السودانية المسلحة ؛ ولكن التماسا لسبيل قد يهدي إلى السلام :الاستاذ عبدالمنعم ابوبكر
ماسة نيوز
بسم الله الرحمن الرحيم
وأعني بهذه القوى ؛
* الجيش ، والدعم السريع،
* الشرطة،
* الأمن ،
* وسائرالحركات المسلحة ، التي قبلت بالسلام
رضى وكفا عن مقاتلة جيش وطنهم ،وحقنا للدماء أو مقايضة لمصالح شخصية ، أو للأهل إقليمية أو لعموم مواطنيهم من أفراد الشعب السوداني ، أو لكل ذلك مجتمعا . يرزقهم الله صدق النوايا.
والحركات التي لم تقبل بالسلام لا تزال ممسكة بالسلاح ويدها على الزناد ، والله لطيف بالعباد .* الحقيقة الأولى :
فكل هذه القوى المسلحة ، ومنذ بدء العقود الستة المنصرمة من استقلال السودان والى يومنا هذا . فكل هذه القوى – وبلا استثناء – ارتكبت أخطاء جساما ، وخطايا موبقات بحق وطنها ومواطنيها — إن لم يكن بالفعل فبالقول والتأييد — فقد ألحقت بهما – الجيش والشعب خسائر فادحة لا تحصى ولا تعد في الأنفس والأرواح والدماء والثمرات والممتلكات ، بل وفقد السودان جزءا عزيزا من أرضه وطنا، ومن شعبه إخوة أحبة كراما .
وفوق ذلك ، فقد أورثت هذه الأخطاء والخطايا أورثت الشعب السوداني تخلفا معيبا عن ركب المدنية المتحضر ، وابتلته بمتلازمة التخلف الثلاثية : الجهل والفقر والمرض .
.
* الحقيقة الثانية :
إن كل ماارتكبته القوى المسلحة العسكرية من أخطاء أو خطايا ،كان قد تم بشراكة ، موثقة أو غير موثقة ، مع القوى المدنية – مسلحة أو غير مسلحة . فنكبة الشعب السوداني في أصل جذورها “عسكرية مدنية معا” والعكس صحيح!
وتشهد مسيرة الحركة السياسية السودانية بذلك منذ الإستقلال إلى اليوم . فما من حركة سعت للإستيلاء على السلطة في البلاد بواجهة العسكر إلا وكانت زمر المدنيين معها أو من خلفها أو من قبلها سبقا بالتحريض والتخطيط وبالمشاركة الفعلية في التنفيذ .نجاحا أو فشلا وبالإعانة والتأييد واقتسام الأعباء والغنائم ، حلوها ومرها.
* الحقيقة الثالثة :
إن معظم القوى المدنية ؛ الحزبية التقليدية والحزبية الآيدولوجية – إسلامية أو علمانية بالسودان قد مارست الحكم فعلا عن طريق
الإستيلاء على السلطة بالقوة العسكرية سواء
بالتواطؤ أو بالمشاركة الفعلية – على نحو ما سبق ذكره . وعليه فلن يكون مقبولا لدى كل منصف أن تتحمل القوى النظامية العسكرية المسلحة ، أن تتحمل وحدها وزر ما ألم بالشعب السوداني جراء واقع حياته السياسية وتقلباته المؤلمة ، والذي لم يشهد استقرارا ولا نماء معتبرا ، ولا رخاء كريما ، ولا أمنا ولا سلاما.
ترى فما بال الذين يملأون الدنياصراخا وعويلا مدنياااو…صراخا أشبه بنباح الكلاب ! يطالبون “بحكومة مدنية” . والمدنيون هم بالفعل الآن من يتربعون على عرش الحكومة المدنية ،وهم أيضا من سام الناس خسفا ، وأسفوهم المل وأشبعوهم كلاما وأحلاما ، وأذاقوهم فشلا بائنا إثر فشل ، وفسادا شائنا ، وظلما محيقا وانتقاما مريعا وعذابا محيطا.
فهم أعداء الحرية ، فقد أحالوها إلى فوضى
وكراهية وفرقة وإقصاء ،واعتقالات وسجون جزافا بلا تحقيق ولا تهم ولا قضاء ، أشهرا وسنينا . فهم أعدى أعداء السلام ، فقد زرعوا الفتن وأنبتوا الفرقة والخصام ، وأشاعوا الموت الزؤام غدرا وغيلة وسفكوا الدم الحرام .
والصارخون هم أشد الناس بغضا للعدالة لأنها تقرع أهواءهم وتسفه عقولهم ، وتكشف خابئ أحقادهم . وتفضح ظلمهم وتعري فسادهم ولذلك عطلوا العدالة بتدمير أجهزتها في الدولة بمختلف مستوياتها . وجاروا على كل أربابها وأساطينها بالطرد والتشريد وبالتنكيل والتهديد والوعيد .فكم تمنى الشعب أن يأوي من كيدهم إلى ركن شديد .
* الحقيقة الرابعة :
إن السودان – وطنا وشعبا – بلد مبتلى منكوب بوجود أحزاب ” منقرضة ” تجوب ساحاته حرة بلا قيود ، برغم حكم التاريخ فيهم وقضاء التجارب عليهم وتأكيد الواقع لجرمهم .وهي أحزاب قهر وعسر وليست أحزاب طهر ويسار – كما يزعمون — فقد ثبت حقا أن :
— فكرها خطل ومفسدة ،
— ونهجها إضلال و تخريب ،
— سيرتها فظائع وظلم وظلمات ،
لقد بادت في منبتها ، حيت كانت قد سادت ، فلفظتها شعوبها ،قاعدة وقمة ، نبذ النواة ، بغير قهر من طغاة أو غزو من عتاة ، بل كراهية ومقتا فيها ، بغضا ورفضا لها ، وقلى وهجران .
فقد أصبح أتباع هذه الأحزاب كائنات متحفية تثير الإشفاق والسخرية والإشمئزاز . وإنهم ليؤمنون بكل عقيدة كافرة وإلحاد بائرةوإشراك لعين ، لأنها عقائد فقط ضد الإسلام ، وإنهم ليلهثون حبا وعشقا وراء كل ناعق مفتر كذاب لأنه فقط عدو للمسلمين هذه الأحزاب مهزومة مأزومة يقدمها :
— الشيوعي الملحد ، وهو رائدها ،
— والبعثي الوثني العنصري ، وهو عرابها،
— والطائفي المنافق العالماني ، وهو “حصان طروادها ” لجميع العابرين والمندسين ،
— الناصري المخذول بلا فكر ولا هدف ولا مستقبل ، فهو عبث مطلق ،
— و ذلك الذي ليس له لون ولا طعم ولا رائحة، بل هو جامع لكل خصال رفاقه ، ذلك المغفل النافع ، وكهف ” الغواصين ” فإليهم ينتمي .
* الحقيقة الخامسة :
إن قوى “الإعسار السوداني” وليست اليسار أحزاب انحدرت إلى السودان من لدن أصول حزبيةديكتاتوريةطاغيةمستبدة ،باطشةدموية. لا تؤمن بحرية الإنسان ولا بالعدالة ولا بالسلام.
هذه الأحزاب هي أول من مارس الإغتيالات السياسية في السودان :
— إغتالت الزعيم الشهيد إسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة حينها رحمه الله ، وهو أول رئيس لمجلس وزراء السودان المستقل وعلى يديه تم إعلان الإستقلال.. إغتالته بسلاح القهر والإذلال والإهانة وهو أسير سجين لديهم إبان انقلابهم الذي أسموه ” بثورة مايو ” .
— ثم اغتالت الإمام الشهيد الهادي المهدي إمام
الأنصار رميا بالرصاص ومعه الألوف من أنصاره
في ود نوباوي بام درمان وبالجزيرة أبا وتخوم
الكرمك.
— واغتالت الشهيد د محمد صالح عمر الأستاذ
بجامعة الخرطوم والعشرات من رفاقه بالجزيرة
أبا .
— كما اغتالت العشرات من ضباط وصف ضباط
وجنود الجيش السوداني بمذبحة قصرالضيافة بالخرطوم .
— وكما تشيركل الدلائل إلى تورط هذه الأحزاب
الدمويةفي مذابح شهداء فض اعتصام القيادة
وكذلك سقوط العديد من الشهداء أثناءالمواكب
والمليونيات التي تدعو إليها هذه الأحزاب
فيتم الاغتبال دائما بصورة غامضة أثناء هذه
المواكب . خاصة فإن هناك من الأحداث مايؤكد ارتكاب هذه الأحزاب لكل تلك الاغتيالات مجهولة الفاعل . وذلك طلبا لإراقة للدم الذي يزيد من فعاليةتلك المواكب الإحتجاجية .كما صرح بذلك أحد قيادات تلك الأحزاب !.
وما اللغط الذي دار ويدور بشأن وفاة الإمام
الصادق المهدي رحمه الله ، ببعيد عن الأذهان.
وكما نرجو من الله أن يسلم بعنايته أمير الشرق ” ترك ” من كيدها وحقدها الأسود ويرده طيبا معافى إلى ذويه وأحبابه وشعبه ووطنه .
* الحقيقة السادسة :
إن هذه الأحزاب الإعسارية ومنذ عقود عديدة
قد نصبت راية العداء للشعب السوداني وقواته
المسلحة ،وصممت على حربهما بشتى الوسائل :
— قتالا بالسلاح ، وقد أعدت لذلك العديد من الحركات المسلحة وفي مختلف أقاليم البلاد.
— وعمالة وتجسسا ؛ بكشف كل أسرار دولة وطنهم لأعدائه بكتابة التقارير المحرضة ضد حكومة بلادهم بقصد الإضرار بوطنهم وكل مواطنيهم أملا في تحقيق مطامعهم وأحلامهم وشفاء غليلهم .
— إثارة القلاقل داخليا إشاعة لعدم الإستقرار
وبإثارة الفتن بين كيانات المجتمع السوداني.
— الإجتهاد ببذر بذور الشقاق بين أخطر مؤسسات الدولة الجيش وقوى البلاد الأمنية
بإشاعة إحتقارها أفرادا وجماعات ، وبالإمعان في سبها بأرذل الصفات ، وبمحاولة تقسيمها
إلى ” أشراف وخونة ” وبالسعي الحثيث إلى
تفكيكها المفضى إلى السيطرة الكاملة عليها
ولتحيلها إلى أداة قمع وبطش في يديها .
** فقد ظلت هذه الأحزاب الشاذةالضالةتحارب الشعب السوداني بكل مكوناته الإجتماعية وفي مقدمتها قوى الشعب المسلحة ، مستعينة عليهم بكل شياطين الإنس والجن من دول الإستكبار العالمي أعداء الشعوب وبكل ما تملك من وسائل خبيثة وجرائم فظيعة وفنون الإبادات الجماعية ومن الحروب الإقتصادية وصنوف المخازي الأخلاقية ٠
** وعلى الرغم من أن الفشل الذريع ظل ملازما
لجهود هذه الأحزاب الدموية لأكثر من أربعين عاما ، إلا أنها شرعت تخوض معركتها الأخيرة
هذه المرة ، فقد غامت أمام أفقها السياسي ومستقبلها الوجودي سحب داكنة من اليأس القاتل . فقررت تخوضها معركة تحت شعار
” التدمير لكل تعمير ” :
— فبدأت بتدمير وحدةالصف الوطني ، يرفضها
لأي نهج يؤدي إلى التوافق الذي يجمع عليه
الشعب حتى يخرج من دوامة أزماته المختلفة
ألى بر الأمان والسلام . واتخذت دون ذلك نهج
الإقصاء والتجريم والتشفي من الأحقادبالإنتقام
ثم بالتالي تدمير كل الصلات الأجتماعية بإشعال
المنازعات والفتن والحروب .
— تدمير كل الخدمات في المجتمع : التعليم .الصحةالطاقة والوقود ،النقل ، وتعطيل الإنتاج في المجالات كافة ،وبأهمال كل حاجات الشعب الملحة في المعايش وغيرها .
— تدمير كل ما طالته يدها من مؤسسات الدولة
وأجهزتها ؛ الأمنية والعدلية والإقتصادية… الخ. — الإستمرار في صنع الإضطرابات وإشاعة الفوضى بكثرة تسيير المواكب بغير ما طائل
وتعمد إزهاق الأرواح بطرق غامضة . وتدمير
الطرق وتتريسها وإحراق وتدمير مرافق الدولة.
— وأخطر ما لجأت إليه هذه الأحزاب من تدمير هو استغلالها للأطفال القصر وحملهم للقيام بأعمال خطيرة وتصرفات مثيرة ضد كبارهم من معلمين وغيرهم . تصرفات لا يدرون مدى خطرها عليهم وعلى شعبهم ، أدناها أنها تحطم أجيالا بأكملها إذ تهوي بهم في متاهات إنعدام تقديرالمسؤوليةإلى سوءالسلوك والأدب بذهاب القيم النبيلة .
* الحقيقة السابعة …وهي الغائبة :
— إن الشعوب تقيم الجيوش وتدعمها بالنفس والمال والولد . وذلك لان الجيوش هي بعض من نفس الشعب وإليه .
وهي تعد لتحمي وتدافع عن الشعب وقيمه ووطنه ومصالحه .
فالجيوش لم تقم لتحمي وتدافع عن نفسهافقط وعن أطماع لقادتها وأفرادها وعن أحلامهم وطموحاتهم الذاتية وعن أمجادهم الخاصة
— فإن كانت هذه الحقيقة غائبة عن وعي الشعب السوداني بكل أحزابه وطوائفه وكياناته الإجتماعية المدنية ،فهي أيضا غائبةعن الجيش بكل قياداته وقواعده وتشكيلاته وفصائله طيلة العقودالستةالمنصرمة من عمراستقلال السودان كماسبق أن بيناأعلاه فإن كل ماأصاب السودان شعبا ووطنا من بلاءات قعدت به عن ركب الحضارة والتقدم ، ومما نعانيه الآن ، كان كله بفعل الكل : من مدنيين وعسكريين معا . ولا يستثنى من ذلك أحد فالكل فيه سواء.
ولئن حملنا في هذا المقال على أحزاب قوى “الإعسار”دون غيرهم فلأنهم قد أصابهم السعار إثرتأكيد فشلهم بإنهاءالشراكة مابينهم والجيش في أدارة حكومة المحاصصة المدنية الحزبية غير الشرعية – لمخالفتهاالبينة لنصوص وثيقتها الدستورية التي أنشئت بموجبها .
ولكن الأحزاب لم ترتدع بل اشتدت في سعارها
تطرفا وشططا ضد الشعب والجيش معا. وتكاد تخص الجيش وحده بحملة شعواء تنهشه من كل مكان : من الحبشة ومن شرق السودان ومن
غربه وجنوبه ووسطه . إضافة إلى تلك السهام
المصوبة إليه عالميا من تهديدات ووعيد ورسل
تنذر بقطع الوريد . في حين تصيبه شواظ من إعلام إقليمي ودولي تطمس الحقايق طمسا. وهنا بالداخل أزمة الحياة الخانقة في المعايش والخدمات . ثم ليظل الجيش يقاتل وحده في كافة الجبهات وفي عاصمة تهتز أرجاؤها بغلي المواكب العبثية قصدها بث الفوضى وإثارة الإضطرابات.وبمثل هذه المواقفهم غيرالوطنية قد تضيع هذه الأحزاب النشاز فرصا سانحة للبلاد لكي تسترد بها ” الوعي” لدى كل كيانات الشعب السوداني : “عسكرا ومدنيين” .فيقلعوا عما مضي من سلوك مشين أورث البلاد محنا طاحنة وإحنا عائقة ، فقد يعلن الجميع توبتهم إلى الله وأوبتهم إلى وطن الجميع السودان الآمن المستقر المسالم.
***************
— وبعدألم يأن للشعب السوداني كافةأن يسارع
اليوم قبل الغد ، أن يهب مدافعا عن ” جيشه ”
ومدافعا معه عن أرض وطنه، عن قيمه وأخلاقه
لماذا يترك الشعب جيشه وحده ينافح ويكافح
بينما تظل الملايين من أفراده في مدن البلاد وقراها وأريافها وفرقانها ، لماذا تظل في سبات عميق تنظر في الملهاة التي تجري أمامها؟وماذا تنتظر الملايين ؟ بينما شراذم العملاء وشذاذ
الآفاق يثيرون النقع يبرطعون في عرصات البلاد طولا وعرضا .
ألم تعلموا إن ثمار هذه البرطعة – إن استوت – فطعمها مر : لا دين لا أخلاق لا حرية لا شرف ولا كرامة ولاعز ولا استقامة .
إن وقوف الشعب مع جيشه للتصدي لمثل هذه الهجمة التآمرية ستكون أقوى برهان لإقناع كل
أفراد الجيش عن التفكير في حكم هذا الشعب الأبي الحر عن طريق قوة السلاح بالكبت والقهر والإرهاب ؛ بل ستشهد البلاد بعدها ميلاد أول سلطة مدنية تأتي بانتخاب شعبي حر ومدعوم برضى الشعب و التزام الجيش معا وعن وعي وقناعة كاملين تامين .
إذن فلينهض الشعب في ثورة شاملة من أجل :
وحدته وتضامنه وتعاونه وسيادته. من أجل
” الحرية والسلام والعدالة ” حقا وصدقا ، لا تزييفا وخداعا وغشا .
والله وحده المستعان
فنعم المولى ونعم النصير.
التعليقات مغلقة.