الله الله ودماء الشباب المراقة / نداء الخلاص/الاستاذ عبدالمنعم ابوبكر

ماسة نيوز

بسم الله الرحمن الرحيم

——–لقد قالها الجيش هذه  المرة  وبملء
فيه ، معلنا  إياها  موثقة  في بياناته ، قالها : مدنياااه ، مدنياااه !!
ولكنه هذه المرة لم يخطئ ليقولها كما كانت
في المرة الأولى… مدنياااو !! ، مدنياااو !!
حيث  تلقفتها  حينها  كلاب  العالمين  فملأت
بها الدنيا صياحا أصم  أذن الحقيقة ، فتاهت الناس  مع  قحت الأولى وتماهت  فى  أودية الضلالة والشقاءوالعذاب والمعاناة حتى بدأت تناوشهم نذر الهلاك ، إلى هاوية الفشل الذريع فأردفها الجيش بالصيحة الثانية محققة بينة :                 مدنياااه …مدنياااه !!
ولكن لم تجد من  يصدقه ؟
حتى دهاقنة المدنية قد صموا وعموا عنها وكأنهم لا يعنون.   نعم فإن للمدنية رجالا وآلا وحالا هم المدعون زورا – نحن نحن المدنيون ، فمن غيرنا  يكون للمدنية درعا ومآلا، فستعبرالمدنية  وستنتصر!!
فمهما كذب المدعون قولا ،وخانوا الوطن عمالة وفسدوا وأفسدوا ، وظلموا ، وبطشوا ،وتشفوا، وانتقموا وتوشحوا بالفشل حلة فاضحة، فعبثوا  بكل القيم ، فمن  غيرهم – كما يز عمون –  أحق بحكم  هذا الشعب  المنكوب ؟  فهم  أحق  من الشعب  من  حكم  نفسه ، فإن  أبا  فسيمزقونه
– طوبة طوبة – وقد شرعوا – أو يتوب  الشعب وإلا فسوف يذيقونه إذلالا وسيغرقونه في بحر  المحن ،وسيعبرون بدونه ويفرون إلى منافيهم  هاربين .
فياأهل “المدنياااو” وأحبابها ، بل وعبادها لقد قالها الجيش لكم ، “وبعضمة لسانه” : مدنيااااه
لكنه هذه المرة قالها فصيحة، ولأول مرةيقولها : مدنياااه… مدنياااه !!
فلماذا لا تصدقون الجيش شريككم فهل الكذب قد صار قرينا له ؟  فلقد  صدقتموه ، من قبل حين  قالها  معكم  – في  أول  أيام   الثورة – فصدقتموه وآمنتم به ورضيتم بالحكم  معه ، إذ شاركتموه ، وحررتم  معه الوثائق  والعهود. فخننموها واخترقتموها  وزورتموها ، ودبرتم  معه المذابح وكل اعتقالات الشرفاء من الثوار
الأحرار  الذين  لا يزالون  يرسفون في القيود بالسجون. فكان  ما بينكم  والجيش  مشاركة حصرية ومؤكدة  بتمزيق وحدة  الشعب ونبذ وفاقه  بالإقصاء  والكراهية وإشاعة الفتن، بل وزففتم  غنيمة الشراكة  بمواكب  الإحتفالات البهيجة وبصاخب الأفراح .
فلما قالها الجيش اليوم وبلغة فصيحةنكرتموها  فكذبتموه….ثم كفرتم به. وملأتم الدنياضجيجا وصياحا  ونواحا  ونباحا . فهل  كانت  الشراكة الحصرية  بينكم والجيش من أجل  حب الوطن أم هي كانت لأجل حظ البطن وللطغيان والظلم والمغانم  والشهوات إلتي لا تحد ؟!
أما الآن فقدأصبح لدى السودان برهانان إثنان :
برهان عظيم مع قحت الأولى  مدني هواه فهو وطني صدوق و شريك مؤتمن ومعتبر.
وبرهان مع غير قحت فهو عسكري فلولي خائن وكذاب أشر .
كما أصبح في السودان أيضا ، شعبان اثنان؟
فكل من كان  مع  قحت الأولى  من الناس فهو الشعب المدني بطبعه و الوطني .
وأما من كان منهم مع غيرها، فهو متخلف خائن بطبعه ” فلولى كوز. ” !

إذن فما المراد بالمدني ، وما المراد بالفلولي ؟

* فالمدنيةفكرةمجتمعية ،تطورت ارتقاء لتكون
شعبا أو أمة متمدنة ، اختزلت  في  إطار  دولة  ينظمها  جهاز  تشريع ، ويقوم  بتدبير  حاجاتها  ومعايشها جهاز  تنفيذ ، ويفصل  في  منازعاتها جهاز عدالة يقضي بقانون رضيه الشعب وأجازه
وقد تواثق القوم  لإدارة حياتهم أحرارا أعزاء بالشورى بينهم ،وبالعدل والإحسان والمساواة  بالحب   والإخاء   والإنقياد   بالطاعة  والرضا عهدا ، قطعوه   فيما  أحبوا  أو كرهوا  ، ما لم  يؤمروا بإفساد أو معصية ، يتعاونون على البر والتقوى ، وليس  على  الإثم  والعدوان  ، فإذا ظلموا أوأجرموا أو أثموا فهم رجاعون توابون  إلى  الله   مستغفرون  . وإذا  ما  غضبوا  هم  ينتصرون . وإذا  ما قدروا هم  يغفرون .فأهل هذه  الفكرة ، هم المجتمع ،وهم الشعب ،وهم  الأمة ،التي تمتاز بنظم حياة فريدة وتشريعات وقوانين عادلة ،وتعاملات بسلوك وأخلاق كلها سامية . وأعراف ،  وعادات ،  وتقاليد  فاضلة فتلكم  هي  الدولة  المتحضرة ، وشعبها بنبيل خصاله  وجميل  فعاله  :  فهم  المدنيون  حقا
لا طغيان  ولا تجبر لا قهر ولا إكراه لا  احتقار.
فالمدنية  إذن ليست هي  مجرد  بشر تغايرت  أزياؤهم  عن أزياء  العسكر .
فالمدنية  سلوك  قيمي  وسمت إنساني  راق، والمدنية  هي  أفضل  نهج  للإنسان  الصالح المتحضر ، بصرف النظر عن وظيفته ومهنته  وحرفته  في المجتمع ، سواء  أكان  راعيا أو رعية ، فقد  رأيناه حيا  متجسدا  في  سيرة  كثير  من  الأشخاص السودانيين، المتميزين  بسلوك  إنساني  رفيع   سواء  كانوا  معلمين   أطباء ،جنود ، مزارعين ،مهندسين، راعاة،الخ
* فالمدني والعسكري في بلادنا كلاهماإنسان.
فإن  يكذب  العسكريون  فقد يكذب إخوانهم ونظراؤهم المدنيون كذلك يكذبون.وإن قحتا الأولى المدنية هي أصدق مثال وخير دليل .
فلئن سرق  العسكريون  السلطة  عنوة  مرات،
فقد تواطأ معهم وحرضهم ، بل وشاركهم كثير من المدنيي.فالمدنيون توأم العسكر يخطئون
أو يصيبون.
فالمدنيون أيضا  قد  سرقوا  السلطة ، من قبل   ولكن خلسة ، سرقوها  إهدارا  لأعز   ما  يملك السياسي الحصيف بين  مواطنيه  “ثقتهم فيه” فالمدنيون قدخفروا ذمتهم حين أهدوا السلطة حسدا وطمعا بليل إلى قادة  الجيش ، ترى كم فرط المدنيون في تلك الثقة  بالإهمال  والعجز والصراعات العبثيةالخاوية من كل مفيد فسنوا بذلك سنة سيئة الإنقلابات التي أصابت  الحياة السياسيةإصابة بالغة فأقعدتها عن ركب التطور  والنماء والإستقرار ، لأجيال وأجيال . بل  وأي جرم قد اقترفه العسكر ، فلم يقترفه  المدنيون  ، بل ويبزونهم فيه؟فحين نذكر لفظة”المواطن” أو “السودان” فنعني بهما العسكري والمدني معا فهما  مواطنان  سودانيان .

حسنا ،ففي السودان وكما هو معروف فقدقاتل العسكر مواطنيهم  فقتلوا منهم  وشردوا الآلاف المؤلفة، كما حكمواالبلاد معظم  سني إستقلالها فأنجزوا إنجازات غير  منكورة ولكنهم  أفسدوا واختلسوا الأموال وجاروا وبطشوا  بمواطنيهم. ونكلوا  بهم  سجنا  وتعذيبا  وتقتيلا . وقد ثار عليهم الشعب ثورات عديدة فاقتلعهم .
والمدنيون  أيضا  فعلوا   كذلك  ،  وربما فاقوا العسكر  بتعاطي  العمالة  والإرتزاق  علنا  وبلا  حرج أو “دسديس”بحسب أدب المرحلة” كذلك
حكموا البلاد ولفترات قصيرة ، ولكنهم أوصلوا
الشعب  درجة اليأس  والضجر ، فتمنوا زوالهم
فكم فرحواكثيرا بعودةالعسكر، ودامت الدورة
الخبيثة إلى يومنا هذا .
إذن فلنقر جميعا نحن أهل السودان – مدنيين وعسكريين،ومدنيين مسلحين – ومدنيين غير مسلحين ،علينا أن نقر ونعترف أن كل فرد منا  له نصيب من الوزر بقدر ، مما هو قد  وقع ، أو هو واقع ،أو مما قد يقع :من كل مصيبة لحقت بالشعب السوداني جميعنا:أحزاباونخبا وعشائر
وقبائل ، مدنا  وأريافا ،  عامة  وخاصة ، فليس هناك  من  هو  بريء  حتى  يحق  له أن  يلوم  غيره  فالكل  مدان  وملام .
فتعالوا نتواضع صادقين، أن يقبل بعضنا بعضا فنهجركل ماهو سيء من ماضينا المظلم الآسن ونتجاوز – عصرا جاهليا – خضنا وفجرناخصاما   ” فعفا الله عما سلف ” ” ولكم  في  رسول الله أسوة حسنة لمن كان  يرجو الله  واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ” .
فيا أيها السودانيون ، أنظروا  وتأملوا ببصركم النافذ ،وبصيرتكم  الثاقبة ، وبكل  مارزقتم  به من إيمان  وما وهبتم به  من صدق  وإخلاص، وما أوتيتم من حكمة ، تأملوا في سيرتكم هذه ثم أنظروا ماذا  أنتم  فاعلون ؟
نعم نقر جميعا ونعترف :لقد  قاتل العسكر منا مواطنيهم ،فقتلوامنهم مئات الألوف في أزمنة متطاولة  وظروف ، متباينة ، وأماكن  مختلفة
بهذا الوطن  الجريح في جنوبه  المنفصل  في توريت وأماكن أخرى لا تحصى ولسنين طوال . في الخرطوم ، بود نوباوي، والجزيرة  أبا، في جبال النوبة بالقردود والنيل الأزرق ،و بدارفور، وبورتسودان  أمري  وكجبار ، كما  تكرر  القتل كثيرا بسبب الإنقلابات  ومحاولات  الإنقلابات  الناجح  منها والفاشل .
وكانت مبررات الجيش لقتالهم وقتلهم في كل الأحوال هي أن في ذلك قيامابالواجب الوطني ودفاعا وحماية للشعب وتأمينا لمقدرات الوطن.

نعم فقدقاتل المدنيون ،أيضا،مواطنيهم وقتلوا منهم وشردوهم:في حوادث عنبرجودةكماقتلت كتائب الجبهة الوطنية المدنية الغازية من ليبيا، نعم قتلت مواطنيها في الخرطوم وكذلك فعلت الكتائب المتمردة ،والتي أسسها المدنيون والتي  تعرف  اليوم  بالدعم  السريع ، وبقوات  الكفاح المسلح وغيرها – و بعد توقيع إتفاقيات السلام- فكلهاقدفعلت فعلتها من عملية الذراع  الطويلة وقبلها الأمطارالغزيرة.ومذابح بابنوسةوالضعين مع أن  بعض  هذه  الحركات  المسلحة لا  تزال متمردة وممسكة  بالزناد  تمارس هواية مقاتلة  مواطنيهاحتى اليوم ،بل  وتتربص بهم الدوائر  وكانت  كل  التبريرات هي تحرير  الوطن  من الظلم  المركزي  الجهوي  والعنصري  ولتحقيق الحريةوالعدالةوالمساواةوإلإنتصارللمهميشين.
كما أن هناك كثيرا من المواطنين  السودانيين  قتلوا في  ساحات  المظاهرات  والإحتجاجات السلمية.كما أن بعضهم  قتل وبتوافق  تام بين المدنيين والعسكريين  معا ومنهم ضحايا فض اعتصام  القيادة  العامة ، وكذلك هناك كثر من  المواطنين   السودانيين  الذين  قتلهم  من هو خفى ولا يكاد يبين مثل كتائب  الظل وكتائب حنين.وكذلك ومن المواطنين من يقتل اغتيالا مما  هو  “أخفى”  لحاجة  المواكب الهادرة إلى دمائهم  الزكية الطاهرة تأجيجا لزخم المواكب وضمانا  لإنجاحها ، وتشير  إلى  هذا “المخفي” بوضوح “قصةحادثة ذلكم الفتى الشهيد الحي المذهلة “الهادي محمد توم” ومحاولة الإغتيال انطلاقا من بري الدراسية، وحكايةابن الجيران إلى مستشفى الرويل كير ،وتدخل الجبابرة في طريق العدالة المقهورة في عهد قحت الأولى ، ومثله من الضحايا كثر  “غير المجيد ” !!
ناهيك عن  المواطنين  الذين  أزهقت  أروحهم  بالتعذيب ، أو في  الأسر أو في  أقبية السجون.
وطبعا  في خضم   هذه   التقلبات  والتداخلات
يصعب للمرء أن يجد  تبريرا لمثل  هذه الجرائم
الغامضة  والتي  يقف  وراءها   فعلة  مجهولون
سوى الإتكاء  على  معايير الفوضى التي  طالت
حياةالمجتمع السوداني لمدى من السنين طويل فالأمر لله من قبل  ومن بعد .
ولقد دام هذا العراك  الدموي المدمر ، لأكثر من ستين عاما  عجافا ، لا يخبو  أواره  ولا  تنطفئ نيرانه  ولا  تزال  رحاه   تدور   ساحقة   ماحقة لقد فقد السودان جراء هذاالعراك كثيرا م طاهر الارواح لنفوس عزيزة بريئة من الرجال والنساء والولدان . كما أريقت  هدرا  دماء  زكية  غزيرة وضاع الغالي  والنفيس من الأموال والممتلكات فوق ذهاب الأمن وقلة  الطمأنينة وتعطل النماء وفقدان الإستقرار  ،بل وفقدان الود  والإحترام الدوليين وحسن الجوار .

ثم ما المراد بالفلولي ؟

“الفلول”هو مصطلح خاص نحتته قحت الأولى من صميم خلقها  العنصري وتفكيرها  الإقصائي الحاقدليفسح لها مجالات للإنفرادبالأمر للتشفي والإنتقام من كل خصم منافس ، أو من كل من يتجرأ  على  انتقاد  خطاياها ، وكشف  معايبها وتسفيه أحلامهاوأهوائهافكل من يبدرمنه شيء من ذلك  فهو العدو  الألد  الذي تجب  مكافحته وقمعه وإذلاله لأنه كائن حقير لاحقوق انسان له أما الصامتون من الرعية فهم قطيع لايعبأ بأمره وتفعل بهم قحت الأولى ماتشاء .
فكان لابد من الوقوف على  شيء لواقع الشعب السوداني المرير ، المعقد والمتأزم طويلا والذي زاده  مرور  الأزمان   وتعاور  الأحداث   الأليمة فجعلته أشد  تأزما ، وأعمق  تعقيدا ،خاصة في  مواجهة كل من يلتمس فرجا  بحلول  قد ثضع الإصروالأغلال التي كان عليها الشعب السوداني إذ ظلت تقيده فيها لأكثر من ستةعقودخلت ولا ولا يزال الشعب يعانيها وهي  تتفاقم .

وإن التطرق إلى ذكر الأحداث والفواجع لا يعني بالضرورة إجراء إحصاء أوتوصيف لتجريم أحد
على الرغم من كثرة الإجرام  وعتاة المجرمين !
ولكن الهدف من سوقها هو ” للعظة  والإعتبار.”
فإن العظة والإعتبار هما من أهم  سنن الله في الكون خلقهماللخروج من مآزق الماضي وتجنب المزالق في الحاضر و إلى المستقبل .كما أنه لم  يقصد بذكر تفاصيل تلك الكوارث لتوفير الأدلة  الدامغة للقضاء العادل ، وحتى  لوتوفرت الأدلة فإن تعقيدات المشهد وتشابكها وانطماس كثير من المعالم التي قد توصل إلى  حقائقها  بيقين واطمئنان ،ولتطاول الأزمان ولتكاثف  الأحداث  وتتابعها، فبعضها، بل وكثير منها قد ألحق فاعل الجريمة وشاهدها بشهيدها وبعضها قدتجاوزته أجيال بالتعايش وكساها النسيان أثوابا  جديدة من التقارب الودي أو من التباعد  الموئس حتى إذا عرضت الأمور على  القضاء العادل لأ شكلت عليه أو  جازت ، فيكون  فصله  فيها  في حكم المستحيل .ولا نرمي منه٠ تبرئة لأحد ولكن ننشدعفوا وسماحا تطيب به النفوس ، وتفوز  بثواب  ربها وأعلى جنانه وعظيم رضاه .

ولقد اقتضت حكمة  الله  في مثل هذه  الأمور
المعضلة ، أن يتولى الله  ورسوله  الفصل  فيها
من فوق  سبع  سماوات ، حكما  عدلا وبينا،فيه
العلاج  الناجع ، والرحمة الرفيقة  بالإنسان الذي
كرمه الله ،ليعيش  عمره  القصير جدا في  هذه الحياة  الدنيا ، وهو  محرر  من الآصار  المقعدة والأغلال المعيقة ولتنطلق قدراته  مبدعا لتعمير حياته الدنيا ويكسب فيها ما يسعده في الأخرة
*إن الإسلام لا يريد أن يرهن حياة الإنسان إلى
الماضى  عموما  أو حتى  إلى  ماضيه  بخاصة. بل يريد أن ينطلق  به من  واقع  حاله ألى آفاق المستقبل بالمطلق ، وأن تتعلق بذلك كل عزائمه  وأفكاره  وهمومه  ورجاءاته ، وآماله  وأحلامه دون  الإلتفات  إلى  الوراء  ، إلى  الماضي  وهو يستمتع فقط بصحبة  أطيب  وأنفع  ثماره :
العظة والإعتبار اللتان  يقتضيان إعمال البصر
والبصيرة ، وقد سبق ذكرهما  .
فهذا حكم الله العزيز الحكيم  هو الفصل الحق والعدل  لجميع  معضلات  السودان  التاربخية    والواقعية  الحالة ، و لتأمين  مستقبله الزاهر.
ولنتأمل في وحي  الله التالي  الذي  ورد  في كتابه سبحانه ، وعلى لسان نبيه عليه الصلاة والسلام :
* فمن خطبةارسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم فتح مكة : تحدث  رسول  الله  صلى الله عليه ، مخاطبا  مشركي قريش وهم أسرى بين يديه  ،قائلا :
(-  يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم  ؟
قالوا : خيرا ، أخ كريم وابن أخ كريم  .
قال: ” ما أقول لكم إلا كما قال يوسف لإخوته ،
” لا تثريب عليكم  ”  إذهبوا  فأنتم  الطلقاء)
* ويوم  عرفة في السنة العاشرة  من  هجرته صلى الله عليه وسلم ، تحدث  إلى الناس في
” خطبة حجة الوداع ” قائلا :
( – يا أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام
عليكم إلى أن تلقوا ربكم ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا هل بلغت اللهم  فاشهد .
( – وإن دماء الجاهلية موضوعة. وإن أول  دم
نبدأ به ،  دم  عامر  بن ربيعة  بن  الحارث  بن عبدالمطلب .
( – وإن  مآثر الجاهلية  موضوعة  غير  السدانة والسقاية.
( – وإن ربا  الجاهلية  موضوع  ، ولكم  رؤوس أموالكم ، لا تظلمون  ولا تظلمون ، وقضى الله
أنه لا ربا .وأن أول ربا أبدأ به ربا عمي العباس ابن عبد المطلب .
( – أيها الناس ، إنما المؤمنون إخوة . ولا يحل
لامرئ  مال لأخيه إلا عن طيب نفس منه .
ولا ترجعن بعدي كفارا ،  يضرب بعضكم رقاب
بعض ، فإني تركت فيكم ما إن  أخذتم  به لن
تضلوا بعده ، كتاب  الله وسنة  نبيه.
( – أيها الناس، إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد
كلكم  لآدم ، وآدم  من تراب ، وإن أكرمكم  عند
الله أتقاكم ، وليس لعربي على عجمي فضل إلا
بالتقوى .
*  وكما  ورد  في  الكتب  الصحاح ، أن  رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ردا  على تساؤل صحبه عمرو بن العاص رضي الله عنه قائلا:
( – أماعلمت يا عمرو أن الإسلام يجب ما قبله
وأن التوبة تجب ما قبلها؟ وفي روايةأن الهجرة تجب ما قبلها . وفي رواية أخرى  ورد الحديث
بلفظ”يهدم” بدلا عن لفظة “يجب” المعنى واحد
وهذه الأحاديث كلها  وردت  مصداقا لقول  الله عز وجل  :
” قل  الذين  كفروا إن ينتهوا  يغفر لهم  ما قد سلف ، وإن  يعودوا  فقد  مضت سنة الأولين”.  الأنفال ٣٨ .
وقوله تعالى :
” يا أيها الذين  آمنوا  لا تقتلوا  الصيد  وأنتم
حرم ، ومن قتله  منكم  متعمدا ، فجزاء  مثل
ماقتل من النعم ، يحكم  به ذوا  عدل  منكم
هديا  بالغ  الكعبة ، أو كفارة   طعام  مساكين
أو عدل ذلك صياما ، ليذوق  وبال أمره – عفا  الله عما  سلف . ومن  عاد  فينتقم  الله  منه، والله عزيز ذو انتقام ”
المائدة ٩٥.

** إن  المتأمل  فيما  تشير  إليه   هذه  الآيات
الكريمات   والأحاديث   الشريفة  السابقة ، هو الدعوة بوضوح  إلى عدم  ارتهان الإنسان  إلى
أثقال ما مضي :من جراحات أليمة وخصومات قديمة ، ومظالم عظيمة،وآثام كبيرة  وصغيرة،
تكون بينه وبين غيره ولمدى من الأزمان وفي
عديد  الأمكنة .
فانظروا إلي رسول  الله صلى الله عليه وسلم
كيف تجاوز  بأمة  الإسلام  وجماعة  المسلمين أحداث أكثرمن عقدين من الزمان غطت أرض الحجا بأسرها.فهاهي قريش المشركةالمتجبرة المتكبرة المجرمة ، هاهي بين  يدي رسول الله صلى اللهى عليه  وسلم  ، أسيرة  ذليلة  كسيرة وهي التي  كذبته  وسبته وآذته في نفسه  وآل بيته  وأصحابه   بالضرب   والتعذيب  ،  بالقتل والتشريدمن ديارهم ومصادرةالأموال لاحقتهم  بالدعايةالكذوب المسيئةوبالحروب حيث كانوا ثم بعدذلك كله يقول لهم صلى الله عليه وسلم:

(  إذهبوا فأنتم الطلقاء ).

وحتى الذين  قد أهدرت دماؤهم  من قبل يوم الفتح ، لشنيع جرمهم ، فقد فاز معظمهم  بعفوه صلى  الله  عليه   وسلم ،  وقد  أسلموا  وحسن إسلامهم   فغدوا  من أصحابه  الميامين ، صلى الله عليه سلم ، ورضي الله  عنهم  أجمعين .

إن المدنية الحقةوخاصةممارسة قيمهافي إطار الحكم والسياسة وإدارة  شؤون  الناس وعموم خلق الله في هذه الحياةالدنيا هي بعض أصيل من قيم الإسلام ،ديننا الحنيف -ونؤمن بهايقينا ولكن لا نتخذها  إلها  يعبد من دون الله ،لنكون من المشركين ، فنتبع كل  من  ينعق  بها شعارا زائفا ونؤازره ضلالا ، وهو  في  حقيقته وحاله وقوله  المعلن  أنه  لا يؤمن  بالله  العظيم ، بل تؤكد أفعاله وأقواله وجميع ماسلك أنه عدولله وكتبه  ورسله وللمسلمين  عامة. وأهل كل دين.
ولا يرعى في الناس  إلا ولا  ذمة ، فغايته هواه يبرر له ما يشاء  من  كذب وخداع وسفك دماء.
وبعد  أما آن  للمسلمين  المؤمنين  أن  يحسموا أمرهم   فينهوا  جدالهم   المفرق  ولا  مبالاتهم الموهنة ، وهم   يشهدون  هذا  السعي الحثيث  ليل نهار  مبذولا بجنون  لأهل الضلال .لتدمير  قدرات هذاالشعب المسلم ،عقيدةوفكراوأخلاقا
وشبابا واقتصادا  ومؤسسات أمنية واجتماعية.

أما آن للمرمنين أن يعلنوا  جهادا محررا خالصا لله المعز ، وبصف  مرصوص ، الذي  يحبه الله  ورسوله  وفي قومة  واحدة  مالها  من  فواق ، صيحتها : الله أكبر ،  ولا إله إلا الله ،  وليست مدنياااو . ولتعم ، ألله أكبر، كل  أرجاء  الوطن  وتضج بها مآذن  المساجد  حتى  تتحرر البلاد والعباد من هذا الهرج والهراء،وتضع الأمورعلى الجادة،إنهاء لسفك دماء الشباب البريء وإبقاء لإزهاق أرواحهم الطاهرة في غير ما طائل،ولا في سبيل للرشاد،بل تحقق لأعداءالله ولأعداء خلقه ، أهدافهم الدنيئة الخبيثة.
ولقد رأيتم وعلمتم ما أفسدوا في  ساعة  من ليل حكمهم المظلم.
وإنها لمعركة ولكنها ليست بين  شعب وجيشه
ولكنها  معركة  وطن  محاط  بالمطامع لعظيم خيراته ،وبين قوى عميلة يؤزها الطامعون في خيرات هذه البلاد يحشدون وراءهم كل معين من شياطين  الإنس  والجن  لتحقيق أهدافهم ولو بسحق العملاء و معهم قومهم جميعا،
وإنها لمعركة  للشعب السوداني بأسره ضد كل الطامعين  وليست  بينه  وبين قواته  المسلحة.
كما يخوضها  الآن ضد  الجيش  هؤلاء العملاء المرجفون.باسم المدنيةوالديمقراطية والحرية
وحقوق الإنسان وهم أعدى أعدائهاالتاريخيين
رغم أنهم يصرون ليكونواأكثرالناس صراخا بها.

ولتكن ثورةتصحيحية شاملة لقطع دابرالفسقة الملحدين .
ولضمان وحدة الشعب السوداني بجميع أطيافه
ومؤسساته ، أسئلته من المدنيين والعسكريين
فكلها من عناصر قوة الشعب السوداني العظيم.

#رجعة الهوانات مستحيلة.

ويقول ربنا العزيز الحكيم :

(ومالكم  لا  تقاتلون  في  سبيل  الله ، والمستضعفين من  الرجال والنساء  والولدان،
الذين  يقولون  ربنا  أخرجنا  من  هذه  القرية
الظالم أهلها ، واجعل لنا من لدنك وليا واجعل
لنا من لدنك نصيرا ) . النساء ٧٥ .

والله أكبر والعزة للسودان المسلم الحر .
 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.