إزدواجية معايير مجلس الامن والمفوضية السامية لحقوق الانسان حيال السودان /د. فتح الرحمن القاضي
ماسة نيوز
بسم الله الرحمن الرحيم
خارطة الطريق للارتقاء بحالة حقوق الانسان بالبلاد والخروج من مأزق العقوبات الدولية
لا تكاد تجد وضعاً ينطبق عليه بيت الشعر القائل (عين الرضي عن كل عيب كيلة وعين السخط تبدي اليك المساوئ) في التعامل مع دول المعمورة من جهة والحكومات المتعاقبة في اطار الدولة الواحدة أكثر من آليات الامم المتحدة وفي مقدمتها المجلس الدولي لحقوق الانسان. مسارعة المجلس الدولي لحقوق الانسان لاستصدار قرار عاجل بادانة السودان ومن ثم التقرير بتعيين خبير مستقل لحالة حقوق الانسان بالبلاد في اجتماعه الطارئ يوم أمس الجمعة بجنيف من دون التريث لمعرفة ما يجري في السودان علي وجه الدفة يعبر بحق عن مفارقة بينة للنهج الاحترافي في مضمار حقوق الانسان والولوغ في قضايا سياسية خلافية من الدرجة الاولي لا تجد لها سند في معايير حقوق الانسان وأدبياته المتعارف عليها دولياً. ولعمري كيف يمضي المجلس الدولي لحقوق الانسان في توصيف ما يجري في السودان بالانقلاب مع كون مجلس الامن الدولي نفسه لم ينجح في استصدار قرار مجمع عليه يؤكد أن ما حدث في السودان يرقي لدرجة الانقلاب وها هي روسيا تقول في كلمتها امام مجلس الامن أن ما جري في السودان قد حدث في العديد من البلدان ولم يجري توصيفه علي انه انقلاب.
لقد كان في مقدور البعثة الاممية والمكتب الاممي لحقوق الانسان بالسودان ومن خلفهم بريطانيا وأمريكا والمانيا علاوة علي نشطاء حقوق الانسان من السودانيين فضلاً عن سفراء السودان في أهم العواصم العالمية أن يتمهلوا قليلاً قبل أن يرموا بثقلهم في الدعوة لعقد جلسة طارئة لمجلس حقوق الانسان من أجل استصدار قرارات لادانة السودان وسوق البلاد مجدداً اليالخضوع لرقابة المقررين الخواص التي خرج منها السودان بشق الانفس وفق المعادلة التي انجزها السيد السفير مصطفي عثمان اسماعيل في خواتيم عهد النظام السابق سيما وأن التاكيدات التي صدرت عن الفريق اول عبد الفتاح البرهان والفريق أول محمد حمدان حميدتي قد أكدت بصورة جازمة بانه لا نية للجيش في الاستيلاء علي السلطة او قطع الطريق أمام التحول الديمقراطي . غير ان ما يؤسف له أن هؤلاء مضوا جميعاً في اتجاه تجريم السودان وفق فرضيات ظنية غير مختبرة ليضعوا السودان في هذا المازق. واليوم تجد هذه الدوائر المحلية والعالمية نفسها في حرج بالغ بعد صدور بيان تجمع المهنيين الذي طالب بالغاء العمل بالوثيقة الدستورية وتسمية رئيس للوزراء مستقل لكي يضطلع بدوره بتعيين مجلس يتالف من شخصيات مستقلة غير منتمية حزبياً وهو ذات الموقف الذي تدعو له القوات المسلحة فهل يمكن اتهام تجمع المهنيين – يا تري – بأنه يتنكر لمبادئ ثورة ديسمبر أو يسعي للانقلاب علي الحكم المدني في البلاد ؟!!.
في الواقع لا يفصلنا سوي ايام معدودات للتاكد فيما اذا كانالبرهان صادقا في الوفاء بالوعود التي اطلقها ام لا وحينها يمكننا جميعا ان نمضي في تعبئة وتحريك الشارع السوداني بالعصيان المدني والمتاريس اذا ما تبين لنا اننا وقعنا ضحبة خدعة من قبل القوات المسلحة ، كما يمكننا ان ننخرط في اكبر حملة لتحريض المجتمع الدولي ومؤسساته الاممية ومن ضمنها حقوق الانسان اذا ما تاكد هذا الزعم ، اما وان ذلك لم يتاكد بعد فان ما يجري من حراك – مع تقديرنا لدوافع ومنطلقات القائمين عليه – لا يعدو ان يكون مجرد خطوات تصعيدية متعجلة لا تسندها – حتي المواقف المتحركة للقوي السياسية المختلفة وفي مقدمتها تجمع المهنيين السودانيين الذي برز بموقفه الجديد أمسية اليوم لربك حسابات كثير من القوي المدنية نظراً للثقل الذي يتمتع به هذا التجمع في الساحة السياسية.
في إطار التاكيد علي إزدواجية معايير مجلس حقوق الانسان حيال دول المعمورة التي اختبرت ظروفاً مشابهة لما جري في السودان فلن يكون من العسير علي اي متابع لما يجري في الساحة الدولية أن يكتشف ازدواجية المعايير التي تعاملت بها منظومة الامم المتحدة ، ويشمل ذلك مجلس الامن الدولي والمفوضية السامية لحقوق الانسان، حيال التطورات السياسية التي لا تزال تتفاعل في كل من تونس والسودان وكلاهما دولتان عربيتان تقعان في القارة الافريقية. يتكشف للناظر للوهلة الاولي ان مجلس الامن الدولي والمفوضية السامية لحقوق الانسان ومن خلفهم ما يسمي بالدول العظمي ، وفي مقدمتها امريكا فضلا عن فرنسا المعنية اكثر من غيرها بالشان التونسي لاسباب تاريخية وانية معلومة، لم يحفلوا جميعا علي الاطلاق بالحكم علي الاجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي والتي قضت بحل (البرلمان المنتخب) وتعليق العمل بالدستور التونسي واعتماد تدابير استثنائية موغلة في الغرابة الي أجل غير مسمي وتعيين حكومة بغير موافقة البرلمان المنتخب والاكتفاء فقط بالتعبير عن القلق واستجداء الرئيس التونسي لكي يعمل علي تحديد أجل لهذه التدابير الاستثنائية ومن ثم المضي في مباركة الحكومة التي اعلن عن تنصيبها في تونس بلا سند دستوري.
بالمقابل نشهد كيف ان قيامة المجتمع الدولي والمفوضية السامية قامت ولم تقعد حتي اليوم حيال التطوراات الحادثة في السودان حيث بذلت بريطانيا جهوداً خارقة لادانة اسودان عبر ثلاث قرارات متتالية في مجلس الامن بزعم ان ما جري في السودان يعد انقلاباً ليفشل مجلس الامن في استصدار قرار إدانة مجمع عليه يصف ما جري في السودان بالانقلاب . ولم يهدأ لذات الدول الغربية التي فشلت جهودها في ادانة السودان بمجلس الامن الدولي لتهرع ذات الدول لاستصدار قرارات بادانة السودان عبر جلسة طارئة للمفوضية السامية ومن ثم الدعوة الي تعيين خبير لحالة حقوق الانسان دون أن تتريث حتي لمعرفة ما يجري في السودان، وإذا يبقي هذا سلوك المنظومة الدولية بازاء ما يجري في دول المعمورة ، سيما الحالتين التونسية والسودانية ، مما يدل علي ازدواجية المعايير.
وإذا ما امعنا النظر في الحالة السودانية بين عهدين فيما قبل الخامس والعشرين من اكتوبر وما بعده – اي ما قبل قرارات البرهان وما بعدعا – فسوف يتجلي لنا بوضوح مظاهر ازدواجية المعايير في اوضح صورها وتجيلياتها ودعونا في هذا المقام نستعرض بايجاز مظاهر الخلل والعوار الذي لازم حالة حقوق الانسان قبيل حل الحكومة دون أن يحرك المجتمع الدولي بالياته ومفوضياته ساكنا من أجل مناهضة الانتهاكات المستشرية لحقوق الانسان واهدار الكرامة الانسانية التي تفشت مظاهرها في سائر انحاء البلاد ونوجزها فيما يلي:
عدم اكتراث المجتمع الدولي واليات الامم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الانسان بتاخير الاعلان عن تقرير فض اعتصام القيادة العامة وهو المطلب الابرز لجماهير ثورة ديسمبر التي طالما تنادت بضرورة الانتصاف للضحايا والمفقودين.
تفشي النزاعات القببلية في كل من دارفور وكسلا والبحر الاحمر بين مختلف العرقيات السودانية وما ترتب علي ذلك من وقوع ضحايا ومصابين بالمئات .
تضرر عشرات الالاف من المواطنين السودانيين بالقرارات الصادرة عن لجنة ازالة التمكين مع تعطيل اليات الاستئناف علي مستوي مجلسي السيادة والهيئة القضائية الامر الذي ادي لاطالة امد المظالم الواقعة علي عشرات الالاف من المواطنين الذين وجدوا انفسهم تحت رحمة لجنة ازالة التمكين بسلطاتها الخرافية دون ان يجدوا جهة يلجاون اليها لاستئناف الاحكام الصادرة في حقهم.
اطالة امد احتجاز المواطنين علي ذمة التحقيق دون ان يتم التحقيق مع المتهمين او تقديمهم للمحاكمة في ابرز مخالفة لسيادة حكم القانون ومعايير العدالة التي تقضي اما بتقديم المتهمين للمحاكمات او اطلاق سراحهم طالما لم تتوفر حيثيات دامغة تستوجب تقديمهم للمحاكمة.
وبينما كانت هذه الخروقات الجسيمة لحقوق الانسان تجري علي قدم وساق خلال عهد حكومة حمدوك الاولي والثانية كانت القوي السياسية المشكلة لقوي الحرية والتغيير في شغل شاغل عن احقاق مبادئ العدالة والانتصاف بالخلافات الرهيبة التي ضربت صفوفها مما عطل انشاء المنظومة العدلية باكملها فضلاً عن اجهزة الرقابة والتشريع ويتجلي ذلك فيما يلي:
الفشل في تشكيل المجلس التشريعي مما أدي لطغيان الجهاز التنفيذي ممثلا في حكومة حمدوك التي مضت في خروقاتها دون أن تجد جهة واحدة تحد من طغيانها نسبة لغياب الية الرقابة والتشريع المتمثلة في االمجلس الوطني رغم انصرام اكثر من نصف عمر الفترة الانتقالية.
العجدز عن تكوين المحكمة الدستورية التي كان في امكانها الحكم في دستورية القوانين والاجراءات السارية في النصف الاول من عمر الفترة الانتقالية مما ادي لحدوث عوار دستوري غير مسبوق في العديد من مناحي العمل العام والخاص.
عدم القدرة علي تشكيل مجلس القضاء العالي وبالتالي الفشل في تعيين رئيس القضاء ليؤول امر الهيئة القضائية الي معترك سياسي تجتهد جميع الفضائل والاحزاب في احراز نصر سياسي عن طريق تعيين من يمالئها في منصب رئيس القضاء وزاد الطين بلة المعاناة الرهيبة التي اختبرها الجهاز القضائي عن طريق فصل مئات القضاة بواسطة لجنة ازالة التمكين مما اسهم في ابطاء العدالة ان لم نقل اصابتها بالشلل التام.
العجز عن تشكيل مجلس النيابة مما اعاق تعيين نائب عام ليسهم ذلك في اعاقة انفاذ العدالة وبالتالي الاضرار بحالة حقوق الانسان في البلاد بصورة كلية ذلك انه يتعذر انفاذ العدالة مع تعطيل اعمال النيابة العامة وانشطتها في التحري وتمثيل الاتهام وما سواه من المهام.
ومع تفشي مظاهر الشلل الذي ضرب اليات العدالة وانفاذ القانون وقف المجتمع الدولي والوطني في حالة شلل كامل حيث تعذر علي اليات االمجتع الدولي علاوة علي الحاضنة السياسية للثورة خلال الحقبة الفائته من عمر حكومة حمدوك ان تتحلي بالارادة السياسية او الرغبة لكي تعمل علي انشاء وتقويم الاليات والاجهزة المعينة علي تجسيد مبادئ العدالة وحقوق الانسان وارساء مبادئ الحكم الرشيد وسيادة حكم القانون ويتجلي ذلك فيما يلي:
عجز حكومة حمدوك وفي المقدمة وزارة العدل عن اصدار قانون يقضي بتنظيم اعمال المفوضية القومية لحقوق الانسان حتي يومنا هذا حتي تم حل الجكومة .
الفشل في تكوين مفوضية قومية لحقوق الانسان نسبة للتلكؤ في اجازة قانون المفوضية مما تترك المجال مفتوحاً للجنة ازالة التمكين لكي تمضي في تكوين مفوضية قومية غير عابئة بالاسس المنظمة والمعايير المفترض ان تتاسس عليها المفوضيات القومية لحقوق الانسان وهكذا جاء ميلاد لجنة تسيير المفوضية القومية لحقوق الانسان شائها ومبنياً علي اسس غير سليمة ولذا لم يكن مستغرباً ان تقف هذه المفوضية عاجزة – في ظل عوار تكوينها – عن الوفاء بمسئولياتها ومهامها المتمثلة فيتعزيز حقوق الانسان وارساء مبادئ الكرامة الانسانية في عهد الثورة.
عجز وزارة العدل في تفعيل المجلس الاستشاري لحقوق الانسان وهو الجسم الذي يضم مختلف اجهزة الدولة ومؤسساتها تحت امرة وزارة العدل مما يضمن اتساق اعمال الدولة وتوافق انشطت إزدواجية معايير مجلس حقوق الانسان حيال الدول ها مع معايير الشرعة الدولية لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ، وهكذا تخلت وزارة العدل بمحض طوعها عن اهم المهام والاختصاصات المناطه بها في مضمار حقوق الانسان غير عابئة بنصح الناصحين مع انتفاء اليات المراجعة والتقويم في مجلس الوزراء علي المستوي الفردي والجماعي ؟!!.
وقوف المكتب الاممي لحقوق الانسان رغم الامكانات المتاحة له واطار التفويض العريض موقفا سلبياً في كثير من الاحايين حيث كان غير قادر او راغب في الاشارة للخروقات الجسيمة لحقوق الانسان التي عمت ارجاء السودان خلال عهد حكومتي حمدوك الاولي والثانية ليكتفيبمجرد تقرير خجول يشير الي بعض الانتهاكات وليس كلها بالطبع خلال الدورة السابقة رقم 46 لمجلس حقوق الانسان بجنيف اثناء سبتمبر الماضي وهو يغض الطرف عن مظاهر عوار الدولة السودانية في عهد حكومة حمدوك الامر الذي يثير اكثر من سؤال عن جدوي بقاء المكتب الاممي لحقو الانسان طالما كان متماهيا مع عوار المؤسسات والممارسات في مجال حقوق الانسان وغير راغب في لعب دور فاعل في تعزيز حالة حقوق الانسان رغم التفويض والامكانات المتاحة له من قبل المفوضية االسامية لحقوق الانسان.
إذا ما كانت سهام النقد مصوبة للمكتب الاممي لحقوق الانسان في السودان فان سهام النقد الحاد تبقي موجهة علي نحو اكبر للبعثة الاممية المكلفة بمساعدة السودان علي انجاز التحول الديمقراطي وذلك بحكم السلطات الكبيرة الممنوحة للبعثة من قبل مجلس الامن في اطار الفصل السادس ويشمل ذلك ولا يقتصر علي تعزيز حقوق الانسان وارساء مبادئ الكرامة الانسانية. ومما يساق في مواجهة البعثة الاممية من انتقاد ان البعثة بمسئوليها وعلي راسهم السيد فولكر بيرتس ظلت ترقب ما يجري من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في عهد حكومة حمدوك دون ان تعمل علي تطوير موقف مناهض وحازم حيال هذه الانتهاكات وهي تشرف علي المكتب الاممي لحقوق الانسان وسائر الاليات الاممية العاملة في السودان الامر الذي ادي لاستشراء هذه الانتهاكات علي نحو كبير.
إذا تبدو هذه صورة تفاعل المجتمع الدولي والاقليمي بمؤسساته وهيئاته المتعددة ولا يستثني من ذلك مفوضية السلم والامن بالاتحاد الافريقي وكلهم لم يكلفوا انفسهم عناء الاحتجاج علي عوار ما يجري في السودان من انشطة وممارسات طالما كان كل هذا يجري تحت ولاية قوي سياسية (مجموعة قحت) تحظي برضاء المجتمع الدولي والاقليمي ، فاذا ما صير الي حل الحكومة التي تجري كل هذه الخروقات الجسيمة لحقوق الانسان تحت ولايتها وباسمها وانعقد العزم علي استبدالها بحكومة غير حزبية قامت قيامة العالم ولم تقعد وتباري المجتمع الدولي والاقليمي – الذي سكتت مؤسساته وسمت مناديبه بالامس عن انتهاكات لا تخطئها العين في مجال حقوق الانسان – في عقد الجلسات الاممية علي مستوي مجلس الامن والاتحاد الافريقي والمفوضية السامية لحقوق الانسان لادانة السودان وتوصيف ما حدث فيه بالانقلاب واستصدار القرارات التي تستهدف التضييق علي السودان دبلوماسياً ومالياً وتعقيد أزمات السودان جراء السياسات المتبعة قبل ثورة ديسمبر وما بعدها.
واذا كان هذا هو التحليل الموضوعي لحالة حقوق الانسان بالسودان بمناي عن اجندة المجتمع الدولي والاقليمي وقراراته التي يغلب عليها الغرض وازدواجية المعايير كما بينا في اطار تحليلنا النقدي بعاليه فما هو السبيل المفضي الي تعزيز حالة حقوق الانسان بالبلاد ؟!!. هذا سؤال مشروع ينبغي علي سائر المشتغلين بقضايا حقوق الانسان في بلادنا بمختلف مواقعهم الرسمية والطوعية ان يجتهدوا في الاجابة عليه بكل امانة واخلاص في غمار الازمة الحالية التي تعاني منها البلاد في اعقاب قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر، وها نحن ندفع بهذه الروشته لأولي الشأن وعقلاء الأمة وساستها ومفكريها حول مظاهر الأزمة السياسية الراهنة في السودان وسبل معالجتها وتسويتها عبر مدخل يتأسس علي حقوق الانسان HUMAN RIGHTS BASED APPROACH :
إبتداءا فلا بد ان نتوجه بكلمة عتاب لخبراء حقوق الانسان ذلك انهم عملوا علي مفارقة النهج المؤسس علي الحقوق ومضوا عوضاً عن ذلك في تسييس حقوق الانسان ويتجلي ذلك في سكوت هؤلاء الخبراء وغضهم الطرف عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي اقترفتها حكومة حمدوك في ولايتها الاولي والثانية وعدم اثارتها امام مجلس حقوق الانسان في الحقبة الماضية مع اجتهادهم في اثارتها حالياً وذلك رغم اشتغال هؤلاء الخبراء بمجال التدريب علي نحو مكثف مما يثير اكثر من تساؤل حول اشتغال الخبراء بتدريب الاجهزة مع صمتهم عن الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان التي ترتكبها تلك الاجهزة المنفذة للقانون التي استحدثتها حكومة الثورة.
نسبة لشح المعلومات الواردة من جنيف حول مضمون القرار الصادر عن مجلس حقوق الانسان بشأن الاوضاع في السودان والقاضي بادانة السودان وتعيين خبير لمراقبة اوضاع حقوق االانسان فيتعين علينا الحصول علي مزيد من المعلومات قبل الافضاء الي حكم فيما اذا كان القرار يعني اعادة السودان الي البند الرابع المتعلق بحالة الدول التي تتطلب اهتماما خاصا مما يحتم اخضاعها لولاية الخبراء المستقلين ام لا وهو ما ينبغي علي الاجهزة المعنية لا سيما وزارتي العدل والخارجية والمجلس الاستشاري لحقوق الانسان والمفوضية القومية لحقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني ان تلم به حال تشكيل الحكومة الجديدة مما يسمح بتطوير موقف حقوقي بشأنه.
طالما اجتهد نشطاء حقوق الانسان في الدوائر الاقليمية والعالمية في حض مجلس حقوق الانسان علي ادانة السودان وتجريمه فيتوجب علي ذات النشطاء ان يبذلوا جهوداً مضاعفة لتوضيح حقيقة ما جري بالسودان وبالتالي نقض القرارات المتعجلة التي اتخذت في حق السودان بابعادها الحقوقية والدبلوماسية والمالية والا اصبح هؤلاء طرفاً مباشراً في المعاناة التي يمكن ان تلحق بالسودان جراء فرض العديد من التدابير والاجراءات العقابية بحق السودان وفي هذا السياق فان هؤلاء النشطاء مدعوون الي النظر في طبيعة الموقف الصادر عن تجمع المهنيين مساء اليوم.
في ضوء القرار الصادر من مجلس حقوق الانسان الذي يقضي بتعيين خبير مستقل فيتعين علي حكومة السودان مراجعة التفويض الممنوح الي المكتب الاممي لحقوق الانسان لممارسة اعماله بالبلاد ذلك ان التفويض الممنوح للخبير المستقل لا يختلف عن اطار اختصاص المكتب الاممي لحقوق الانسان العاامل في البلاد.
يتعين علي السلطات ان تعجل باجازة قانون المفوضية القومية لحقوق الانسان علي ان يستتبع ذلك تكوين المفوضية القومية وفق مبادئ باريس بعيداً من المحاصصات الحزبية ، مع السعي لتعريف المجتمع الدولي ومؤسسسات حقوق الانسان الاقليمية والدولية بحقيقة الاوضاع في البلاد في اعقاب الخامس والعشرين من اكتوبر الامر الذي من شأنه أن يسهم في ازالة الاحتقان نزع فتيل الازمة .
إنهاء الاجراءات الاستثنائية بما فيها رفع حالة الطوارئ والسماح بحرية التنظيم والتعبير واعادة خدمات الانترنت بما يكفل الحق في المعرفة RIGHT TO KNOW ويكفل حرية الوصول للمعلومات وهو ما يفضي تلقائياً العودة بالاوضاع الي طبيعتها والتاكيد علي المسار الانتقالي وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة في نهاية المطاف.
تحتفي المجموعة باخلاء سبيل الدكتور عبد الله حمدوك وبعض الوزراء وترجو اطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين الذين جري اعتقالهم علي خلفية الاحداث الاخيرة.
ايجاد صيغة مناسبة تكفل اشراك جميع التنظيمات السياسية والفئات المهنية ، ويشمل ذلك منسوبي مكونات قحت الاولي والثانية مع اشراك الجميع في رسم معالم برنامج الفترة الانتقالية، فضلاً عن اجراء حوار تشاوري واسع مع مختلف المكونات السياسية والمهنية لاختيار مجلسي السيادة والوزراء والمجلس التشريعي المزمع تشكيله في القريب وذلك من منطلق أن السودان يسع الجميع ولا ينبغي أن نترك أحداً في الخلف.
أن يعمل شركاء الفترة الانتقالية بمكونيهم المدني والعسكري فضلا عن حركات الكفاح المسلح بروح الفريق المتناغم لترسيم وانجاز برنامج الفترة الانتقالية فضلا عن العمل علي معالجة المضاعفات التي ترتبت علي اعلان الاجراءات الاستثنائية علي الصعيد الدولي، لما الحقته من اضرار بالغة باوضاع السودان التي لا تحتمل مزيداً من التازم.
المسارعة في الوفاء باستحقاقات السلام وفي مقدمتها انجاز الترتيبات الامنية مع الحركات الموقعة علي اتفاق السلام ، فضلاً عن استكمال مسار السلام عبر التفاوض مع القادة عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور واقناعهما باللحاق بركب السلام.
معالجة الازمة الراهنة في شرق البلاد وما ترتب عليها من مضاعفات سياسية وامنية بالتشاور والتراضي مع اهل الشرق بما يحقق طموحات شعوب وقبائل شرق السودان.
المسارعة في تشكيل المفوضيات وياتي علي راسها مفوضية الانتخابات والسلام مع اتاحة الفرصة لتمثيل ابناء السودان للانخراط في هذه المفوضيات.
مراجعة اعمال لجنة ازالة التمكين من حيث الشكل والمضمون وكفالة سبل الاستئناف للمتظلمين من قراراتها ومعالجة المظالم التي ترتبت علي اعمالها فضلاً عن المضي في ازالة التمكين القديم وعدم استبداله بتمكين جديد ومكافحة مختلف الوان الفساد.
تفرغ القوي السياسية لتنظيم اوضاعها واقامة مؤتمراتها وتنظيم صفوفها توطئة لخوض الانتخابات مع وضع التحضيرات الخاصة باجراء التعداد السكاني.
بذل الجهود للارتقاء بحالة بحقوق الانسان وتحقيق الكرامة الانسانية واطلاق سراح المعتقلين الموقوفين لاجال طويلة علي ذمة التحقيق مع الانتصاف لشهداء ومصابي الثورة السودانية لا سيما شهداء اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة.
إعادة النظر في تشكيل وإطار إختصاص الآلية الوطنية النظيرة للبعثة الاممية حتي يتسني مواكبة أعمال البعثة الاممية بشكل أفضل يحقق المصلحة الوطنية العليا للبلاد سيما وأن الالية الوطنية النظيرة قد تم تشكيلها علي عجالة في اطار المحاصصات التي وسمت طابع الاليات التي تم تكوينها بواسطة حكومة الدكتور حمدوك.
الخرطوم في 8 نوفمبر 2021 م
د. فتح الرحمن القاضي،
رئيس مجموعة المدافعون السودانيون عن حقوق الانسان
Dr. Fath Elrahman Elgadi
Chairperson, Sudanese Human Rights Defenders
TEL: + 249912219666
E – Mail: elgadi100@gmail.com
التعليقات مغلقة.