الاستقطاب الجديد ومسار التحول الديمقراطي!!بارود رجب صندل / المحامي
ماسة نيوز: الخرطوم
شهدنا بالامس ميلاد تيار جديد او تحالف يقودها قوي سياسية وحركات الكفاح المسلح والتي كانت جزءا من قوي الحرية والتغيير،،،ولعل المتابع لاداء قوي الحرية والتغيير منذ نجاح الثورة يلمس ضعفا بينا ومرد ذلك افتقارها الي قيادة واضحة وهياكل تدير العمل،،،ظلت هذه القوي والتي ضمت كيانات حزبية ونقابية ومنظمات مجتمع مدني وبالفعل كان تحالفا عريضا،،،تعمل بطريقة عشوائية مع انها مهيمنة علي كامل السلطة في البلاد،،،وكان روح هذا التحالف وعماده القوي الحية،،،شباب الثورة والنقابات،،ولكن عدم هيكلة هذا الجسم العريض فتح الباب لمجموعة من القيادات ان تتسيد الساحة وتختطف الثورة وبطبيعة الحال فان لهذه المجموعات اجنداتها ومصالحها فهي سعت الي تحقيقها من خلال تحالف خفي مع المجموعة العسكرية،،،اتيحت لها الحصول علي حصة معتبرة من السلطة التتفيذية في التشكيلة الاولي للحكومة،،انفردت هذه المجموعة بكامل السلطة تقريبا،،هذا الانفراد و التصرف اغضب كثير من الحلفاء والشركاء،،،حاول بعضهم اصلاح الوضع داخل التحالف فظهرت دعوات من حزب الامة القومي تدعوا الي هيكلة قوي الحرية والتغيير ولكن يبدوا ان الحزب الكبير ما عاد يملك التاثير الذي يناسب حجمه فذهبت دعواته ادراج الرياح،،،تململ الحزب وتردد وتمنع وخشي ان يتجاوزه القطار فقرر اللحاق به والجلوس في المقاعد الخلفية،،،اما التحالف النقابي العريض سرعان ما انفض سامره بالانشقاق الفاضح،،وصب المنشقون جام غضبهم علي المجموعة التي تماهت مع السلطة،،،،جرت مياه كثيرة تحت جسر التحالف،،،حتي المجموعات الحزبية نفسها طالتها الانشقاق،،الحزب الناصري انشق الي مجموعتين،مجموعة متناغمة مع السلطة واخري بقيادة ساطع الحاج تتلمس طريقها،،الحزب الشيوعي بجلالة قدره ظل يقدم رجلا ويؤخر اخري فهو مع الحكومة وضدها ومع التحالف وضده في ظاهرة انتهازية تشبه طبع الحزب وفي النهاية خرج من التحالف محتفظا بمكاسبه في السلطة،،،كوادره المبثوثة في مفاصل الحكومة واللجان،،ظل ديدن ما تبقي من قوي الحرية والتغيير التكالب علي السلطة وقسمة كعكعتها،،قسمة ضيزي وتوالت تنازلاتها لصالح العسكر،،،،غلت يدها من ان تمتد للسياسة الخارجية وحرمت من الدخول الي ساحة الاجهزة الامنية او حتي الاقتراب منها،،،،وبالمقابل سمح لها بالحراك في دائرة التوظيف وادارة لجنة ازالة التمكين وهي دائرة مغرية وفي ذات الوقت شرك لمن لم ياخذها بحقها،،هذا الحراك المغانمي وسعت الشقة بين قيادات قوي التغيير والحرية وقاعدتها خاصة شباب الثورة،وكذلك باعدت المسافة مع القوي السياسية التي لم تكن جزءا من تحالف قوي الحرية والتغيير،،،،وهي قوي بعضها متجزرة في المجتمع ولديها تجارب متراكمة واخري ناشئة،،،ان الاقصاء التي مارسته قوي التغيير والحريةكان وبالا عليها،،تكتلت تلك القوي واستجمعت قواها في مواجهة قوي الحرية والتغيير وبفشل الحكومة في ادارة البلاد وعجزها عن تحريك ملفات الاقتصاد ومعاش الناس والقصاص للشهداء وتباطؤ التحقيق في مجزرة القيادة العامة،،مع عجزها وقلة حيلتها في مكافحة الفساد الجديد الشديد المالي والاداري والذي وصل نفوذه الي رئاسة الوزراء والشركات الكبري ولجنة ازالة التمكين واسترداد الاموال وبالمقابل لم يلحظ الناس ان اموالا استردت لصالح الخزينة العامة واغلب الظن ان الاموال المستردة ذهبت الي غير موضعها الي لجة اعمق من اللجنات التي استردت منها،،والمجتمع السوداني المفتوح يراقب كل ذلك ويعرف مدخل ومخرج كل من تسنم موقعا عاما،،،حتي السلام الموقع في جوبا لم ترضي عنه مجموعة قوي الحرية والتغيير المسيطرة علي الحكومة،،، بل حاولت عرقلته باساليب شتي وافلحت في فرملته تماما،لم ينفذ اتفاق السلام الا بنسبة ضئيلة بعد عام كامل من اقراره،،،،ليس هذا فحسب بل ان المجموعة القابضة علي قوي الحرية والتغيير تمنعت في استيعاب قيادات من الموقعين علي اتفاق السلام في مفاصلها القيادية وفي اللجان القومية واشراكها في ادارة مجمل الاوضاع في البلاد،،،تراكمت كل هذه الاخفاقات والسياسات الاقصائية،،الي التمرد ان صح التعبير والخروج العلني من منصة قوي الحرية والتغيير واستعادة منصة التاسيس،،وبلغت الامور ذروتها من التوتر والمفاصلة بعد المحاولة الانقلابية الاخيرة والتي حركت المياه الراكدة،،،ودون الدخول في التفاصيل فان الواقع ما بعد المحاولة الانقلابية ليس كالواقع قبلها،،تحركت الرمال السياسية تحت ارجل الجميع،،تنمر العسكر وكشروا عن انيابهم،،،تيار الجديد ينادي بالعودة الي منصة التاسيس،،،ارباك في الساحة السياسية يهدد الفترة الانتقالية كلها،،ويضع التحول الديمقراطي في كف عفريت،،
رغم اننا ننطلق من منصة المعارضة الا ان اشفاقنا علي البلاد والعباد يدفعنا الي الدعوة الي الوفاق العام في حده الادني ويبدا ذلك بلملمة اطراف قوي الحرية والتغيير،،،الملاحظ ان طرفي النزاع في قوي التغيير والحرية يتفقان علي الوثيقة الدستورية وعلي اتفاق السلام وعلي غالب مهام الفترة الانتقالية،،،وبالتالي فان مساحة التلاقي اوسع من مساحة الفراق،،اما الاتجاه الي المفاصلة فان ضرره علي مجمل الاوضاع في البلاد كبير يصعب تداركه،،،مع الملاحظة ان التيار الجديد بانفتاحه الواسع علي الطيف السياسي والمجتمعي السوداني متجاوزا المرارات ومغلقا لباب الاقصاء بغير تمييز وبدعوته الي العدالة وسيادة حكم القانون سوف يكسب مزيد من انعطاف الناس اليه،،،ان فتح باب الاستقطاب الحاد يورد البلاد الشقاق ويفتح باب التدخلات الخارجية الخبيثة الداعية الي الهلاك،،،فبدلا من ان نخسر الجميع،،،افضل ان نكسب الجميع،،،ستذكرون ما اقول لكم،،،اللهم لا نسالك رد القضاء ولكن نسالك اللطف فيه،،
بارود صندل رجب/
التعليقات مغلقة.